لفصل الثامن
“رواية تَعَافَيْتُ بِكَ”
______________________
“من وسط عالمٍ مليءٌ بالرفض أتيتِ أنتِ وأصبحتي قبولي الوحيد”
________________________
نظر إليها مُستفسرًا بعدما نطقت كلماتها تلك فتحدثت قائلةً:
“مش عاوزة منه غير الأمان وطيبة القلب”
لمعت أعينه بوميض غريب لأن حديثها أسعده، فتنهد بإرتياح ثم قال:
“وأنا أوعدك لو ربنا كتبلنا نصيب مع بعض و مقدر لنا نكون سوا إني هحاول بكل طاقتي علشان أوفرهم لكِ، أنا اتشرفت بمعرفتك يا آنسة خديجة”
رفعت أعينها ونظرت إليه، وكان هذا أول لقاء للعيون من أول المقابلة رأى في أعينها شيئًا غريبًا، لم يستطع تفسيره، أخفضت بصرها سريعًا ثم قالت:
“الشرف ليا أنا يا أستاذ ياسين”
قالت جملتها بسرعة كبيرة جدًا وعلى الرغم من ذلك استطاع تفسيرها فأومأ لها إيجابًا ثم ابتسم لها بإرتياح”
إنتهت المقابلة بتوديع «ياسين» وعائلته من قِبل عائلة
«طـه الرشيد» على أن تتم متابعات عبر الهواتف لكي يتم التعرف على نتيجة المُقابلة، خرج «ياسين» ووالديه من البيت ثم ركبوا السيارة ، داخل السيارة كان «ياسين» يقودها وهو شاردًا في تلك المُقابلة وفي «خديجة» وعندما تذكر حديثها إتسعت إبتسامته دون أن يعي ماذا يفعل، نظرت والدته له عبر المرآة في السيارة وجدته يبتسم، تعجبت من حاله فـ وكزت زوجها في كتفه وأشارت له على «ياسين» تعجب زوجها أيضًا فتحدث قائلًا:
“إيه يا عم ياسين، بتضحك على إيه ما تطمنا كدا أمك قلقانة”
تنهد «ياسين» بإرتياح ثم إبتسم قائلًا:
“شوفوا كدا هنروحلهم تاني إمتى؟”
صرخت والدته ثم صفقت بإيديها في فرحة عارمة لم تستطع السيطرة عليها ثم قالت:
“بجد يا ياسين موافق عليها؟ يعني البنت عجبتك؟”
تحدث قائلًا وهو ينظر إليها في مرآة السيارة:
“مش مسألة إعجاب قد ماهي مسألة راحة، مش عارف فيه حاجة عاوزاني أكمل كدا، غير إنها شخصية مختلفة يعني عفوية أوي في زمن كل الناس بتتصنع فيه الحلو”
تحدث والده قائلًا:
“ماشاء الله ياض طالع لأبوك بتفهم في الناس، بس كل دا عرفته من ٥ دقايق قعدتهم معاها”
هز «ياسين» كتفيه ثم قال:
“مش عارف والله يا بابا، بس دا اللي قلبي حاسه وبصراحة عمره ماكذب عليا”
تحدثت والدته قائلة:
“مش مهم كل كلامكم دا، المهم إن ياسين إرتاح وبصراحة أنا كمان مرتاحة أهلها ناس ذوق وبيفهموا كدا وأنا أرتحتلهم”
وافقها «رياض» قائلًا:
“بصراحة أخواتها كمان محترمين ووالدها كمان، على خيرة الله ناقص بس هما كمان يقولوا رأيهم وبعدها نتفق على كل حاجة”
أومأ له «ياسين» ثم قال:
“تمام إن شاء الله ، المهم أنا هروحكم وأروح القهوة عشان العيال مستنيني”
أومأ له والديه، إندهش «ياسين» من ردة فعل والدته فإلتفت إليها ثم قال:
“يعني مقاوحتيش معايا زي كل مرة، وتقوليلي لازمتها إيه ماتشوفهم في أي يوم تاني”
ردت عليه والدته:
“لأ يا حبيبي براحتك، ربنا يديمكم لبعض”
نظر لوالده قائلًا له:
“هي إيه الحكاية يا حَج هي مالها؟”
ضحك والده ثم قال:
“مش إنتَ وافقت يا عم ياسين على العروسة، خلاص يبقى إيه هيضايقها؟”
تدخلت«زُهرة» في الحديث قائلة:
“أنتم مبيعجبكوش العجب؟ كدا مش عاجب وكدا مش عاجب؟”
رد «ياسين» عليها:
“لأ عاجبني طبعًا، يلا إحنا وصلنا إطلعوا وأنا مش هتأخر”
أومأ له والديه وخرجوا من السيارة، تنهد«ياسين» براحة ثم قام بتدوير مُحرك السيارة لكي يذهب لأصدقائه.
________________________
في شقة «طـه» كانت أسرته بأكملها جالسة ومعهم مروة و وليد و وفاء جارتهم، تحدثت «وفاء» قائلة:
“ها يا أستاذ طه إيه رأيك في الولد وأهله، بصراحة أنا شايفاه ممتاز”
رد عليها قائلًا:
“فعلًا يا مدام وفاء بصراحة أنا ارتحت له جدًا وأهله ناس ذوق وعندهم أصول، ووالده كبر في نظري لما خلاني أقعد في مكان أعرف أشوفهم منه”
تحدثت موجهة حديثها للجميع:
“ها يا جماعة حد عنده تعليق علشان المفروض نرد عليهم بكرة؟”
تحدث «وليد» قائلًا:
“كلنا تمام بس المفروض نشوف رأي خديجة”
كانت «خديجة» شاردة بعض الشيء، لكنها انتبهت على ذِكر إسمها من وليد، انتبهت له فوجدته يسألها:
“ها يا خديجة رأيك إيه في العريس، كلنا رأينا مش مهم المهم هو رأيك أنتِ”
هزت كتفيها ثم قالت:
“مش عارفة يا وليد بصراحة بس أنا خايفة، أو يمكن متوترة مش عارفة أحدد بصراحة”
رد عليها «والدها»:
“يعني إيه خايفة هو كل حاجة خوف يا خديجة؟ أنا شايف الولد ممتاز هو وأهله”
ردت عليه «مروة» زوجة أخيه قائلة:
“بالراحة يا أبو خديجة في إيه، ماهي حقها تكون خايفة دا جواز مش لعب عيال”
ردت «خديجة» قائلة:
“مش سهل عليا أحدد بسرعة كدا، وبعدين إحنا متكلمناش كتير علشان”
تحدث «أحمد» قائلًا:
“خلاص إحنا في البداية نوافق وتتقابلوا مرة تانية وبعدين في فترة الخطوبة هتعرفوا بعض أكتر”
وافقهُ الجميع في الحديث، فتحدثت «خلود» قائلة:
“بصراحة القمر دا ميترفضش يا خديجة، وشكله دمه خفيف وبصراحة لو أنا كان مكانك زماني بقولهم هاتوا مأذون”
صرخ بها «أحمد» قائلًا:
“طب احترمي إخواتك الكُبار وأحترمي أبوكي اللي قاعد دا، صحيح عيلة مُراهقة”.
ثم نظر لوالدته قائلًا:
“إيه يا ماما متكلمتيش يعني، رأيك إيه أنتِ كمان”
تحدثت والدته قائلة:
“بصراحة أنا قلبي مطمن شايفاهم ناس محترمين يعني مش هتمنى لبنتي حاجة تاني غير كدا؟”
تحدثت «وفاء» قائلة:
“طب على بركة الله، أنا هبلغهم بكرة بالموافقة”
نظرت «زينب» لـ«خديجة» لكي تطمئنها، فأومات لها «خديجة» برأسها.
__________________________
وصل «ياسين» المقهى لأصدقائه، ألقى عليهم التحية، ولكن لأول مرة يأتي «ياسين» من عند عروس مبتسم إندهش أصدقائه منه وبالأخص «عامر» الذي تحدث قائلًا:
“خير يا ياسين جاي مبتسم في وشنا يعني، مش زي كُل مرة؟ إنطق يا ياسين عملت إيه، أكيد خلعت منهم ومروحتش”
نظر له «ياسين» بسخرية ثم قال:
“أنتَ عبيط يا بني؟أخلع وأكسف أمي قُصاد الناس؟”
تحدث«عامر» بلامبالاة قائلًا:
“آه عادي، لو أمي عاملة فيا زيك كدا أعملها وأخلع”
إندهش «ياسين» من حديثه فتحدث«ياسر» قائلًا:
“سيبك منه يا ياسين دا أصلًا مشافش تربية، المهم أنتَ عملت إيه”
أخذ«ياسين» نفسًا عميقًا ثم قال:
“خير إن شاء الله يا شباب”
رد عليه«عامر» بسخرية قائلًا:
“هو إحنا بنسألك عن معاد عملية؟ ماتنطق يابني هببت إيه؟”
رد عليه «ياسين»:
“أنتَ غبي يا عامر؟ بقولك خير إن شاء الله يبقى إيه؟”
رد «عامر»عليه قائلًا:
“وأنا إيه عرفني ما يمكن خير بتاعتك دي يعني العروسة مش عجباك؟ هو حد عارفلك حاجة؟”
تدخل «خالد» قائلًا:
“بصراحة عامر معاه حق، يعني حددلنا تفاصيل يا ياسين.”
تنهد «ياسين» بإرتياح ثم قال:
“طب بصوا أحكوا أنتم حسيتوا بإيه في اليوم دا يمكن نستفيد ، إبدأ إنتَ يا خالد حسيت بإيه؟”
تنهد «خالد» ثم قال:
“دا كان شعور غريب جارتنا عرضتها عليا علشان هي بنت صاحبتها، بصراحة في الأول كان عادي بالنسبة ليا يعني عروسة وخلاص بس لما شوفتها حسيت إني مرتاح حسيت كدا كأني عيل تايه لقى مأوى،صحيح حياتنا مش وردي وكل يوم خناقتنا مسمعة بس برضه الحياة من غيرها ملهاش طعم، والأهم من كدا الراحة اللي بحسها علشان هي موجودة”
إبتسم الجميع على حديثه فتحدث«ياسين» قائلًا:
“ربنا يخليكم لبعض يا خالد ويباركلك في إبنك وتشوفه أحسن واحد في الدُنيا، يلا يا ياسر إحكي مع إن حكايتك مختلفة”
تدخل «عامر» قائلًا:
“إيه دا هي سَلطة يا حبيبي الدور عليا، أنا اللي متجوز قبل ياسر”
رد عليه«ياسين»:
“أنا قولت الدور على ياسر، يبقى تستنى دورك، يلا يا ياسر”
نظر «ياسر» لـ «خالد»، ابستم له خالد ثم قال:
“اتكلم يا ياسر متخافش هي بقت مراتك خلاص”
اتسعت إبتسامة «ياسر» ثم قال:
“بصراحة قصتي غريبة معاها، يعني هي أتولدت في البيت وبعدها خدوا أم خالد المستشفى وسابوها معايا أنا وأمي وأخواتي، مسكتها على إيدي وهي لسه عيلة صغيرة رسمت في خيالي قصة كدا شبه الحواديت اللي بنسمع عنها، وكبرنا سوا لحد المدرسة كانت بتيجي معايا، لحد ما جه وقت خالد قرر يبعدنا عن بعض علشان هي بدأت تكبر، كانت هي تكبر وحبي يكبر أكتر لحد ما حسيت إن مينفعش أكمل حياتي من غيرها، وأهو الحمدلله بقت مراتي بسببك يا ياسين بعد كرم ربنا وفضله، ومع كل مرة كنت بشوفها كنت بحس براحة غريبة رغم اللي شوفته في حياتي كانت هي السبب الوحيد اللي بيخليني أعافر للأخر”
أطلق «عامر» صفيرًا عاليًا ثم قال:
“يا حلاوتك يا ياسر، والله يابني يا بختهم بيك، بعينك الزرقا دي”
ضحك «ياسين» ثم قال:
“أظن يا خالد أنتَ متأكد إنك أخترت لأختك صح؟”
أومأ له «خالد» ثم قال:
“الحمد لله يا ياسين كدا أقدر أقف قصاد أبويا وأنا مش خايف”
أومأ له الجميع، فتحدث«ياسين» قائلًا:
“يلّا يا عامر دورك، اشجينا يلاّ”
نظر لهم «عامر» بتمعُن و أطلق زفيرًا قويًا ثم قال:
“مش عارف بس أول ماشوفتها كانت طموحة وقوية ومكافحة كدا، قولت هي دي اللي تستحمل المرمطة وهي دي اللي تستحق إني أبهدلها في محكمة الأسرة”
ضحك الشباب أما «ياسين» وضع كفيه على وجهه ثم قال:
“يابني اتكلم مرة واحدة في حياتك جد، أنا عيني كانت بدأت تدمع”
تدخل «خالد» قائلًا:
“عامر والجد مع بعض مش جاية يا ياسين”
إبتسم «ياسين» ثم قال:
“المهم أنكم كلكم بغض النظر عن الهبل اللي عامر قاله، أجمعتوا على شيء واحد وهو الراحة، وهو دا اللي حسيته إنهاردة ولأول مرة أحس إني مرتاح”
صفق عامر ثم قال:
“أيوا يا عم ياسين يعني هبارك قريب ولا إيه”
هز كتفيه ثم رد مُعقبًا:
“مش عارف يا عامر والله، بس أنا من ناحيتي موافق ناقص ردهم علينا بكرة، لو كدا هيبقى في مقابلة تانية وبعدها نتفق على التفاصيل”
رد عليه «خالد»:
“ربنا يتمملك الموضوع بخير يا رب، إنتَ إبن حلال يا ياسين”
تدخل«عامر» قائلًا:
“قولي صحيح يا إبن الحلال، مقولتليش ليه على العزومة بتاعة أم خالد، إيه القطة كَلِت لسانك”
رد عليه «ياسين»:
“يا غبي إفهم دي عزومة عائلية، ياسر وخالد دلوقتي بقوا نسايب، أنا وأنتَ هنروح نعمل إيه”
رد عليه «خالد» مُعقبًا:
“متقولش كدا يا ياسين، أنتم أخواتنا، من إمتى فيه فرق بيننا”
زفر «ياسين» بقوة ثم قال:
“يابني إفهمني أنتَ كمان، دلوقتي أكيد عاوزين تقعدوا براحتكم، دلوقتي ياسر جوز أختك وأنتَ أخوها يعني تقدر تبقى على طبيعتها قصادكم أنا والغبي نيجي نعمل إيه بقى”
إبتسم خالد ثم تحدث «ياسر» قائلًا بفخر:
“إبن حلال يا ياسين ومتربي على الأصول”
تدخل «عامر» قائلًا بسخرية:
“يعني هو متربي على الأصول وأنا متربي على مياه ساقعة، على العموم تفكيرك منطقي يا ياسين أنا تاهت مني الحكاية دي، بس وربنا هخلي أم خالد تعزمني”
رد عليه «خالد»:
“من عيني يا عامر أنتَ تؤمر، هعوضهالك”
رد «عامر» بإبتسامة:
“حبيب قلب أخوك يا خالد، إمتى بقى”
رد «ياسين»:
“يابني إهدى بقى، الله يهديك تعبتني في عيشتي”
نظر له «عامر» بسخرية، وضحك عليه «خالد» و «ياسر».
________________________
كانت «خديجة» جالسة في غرفة الصالون بمفردها، تحت الإضاءة الخافتة وهي تُفكر ماذا تفعل في أمر تلك الخطبة، جزء طفيف منها يريد المُجازفة وتدخل تلك العلاقة، وجزء كبير منها كان يريد الهروب، أخرجت دفترها ودونت بداخله ما تشعر به قائلة:
“أنا مش شخص مجنون ولا شخص سفيه، بس أنا نفسي مرة واحدة أطمن بجد، نفسي مخافش، دلوقتي أنا خايفة أجازف وأرجع تاني أترفض، خايفة أتونس وأرجع تاني لوحدتي”
أغلقت دفترها وهي تفكر كيف تُقنع عائلتها بخوفها من تلك المُجازفة، كيف تقنعهم بأنها سَتُتركُ من جديد، ويُترك لها جرح في كرامتها وأنوثتها مرةً أُخرى.
_______________________
إنتهى يوم السبت على تلك الأحداث وأتى يومًا جديدًا، كانت الأمور تسير بشكلًا طبيعيًا عاد«ياسين» من عمله كانت والدته جالسة في إنتظاره، نظر إليها وجدها مُبتسمة ووجهها بشوش سألها مُستفسرًا:
“شكلك فرحانة كدا ليه يا زوزو؟ أوعي تكوني عملتي حاجة في رياض هو آه معصبك بس مش للدرجة دي يعني”
ردت عليه مُعقبةً:
“بعد الشر عنه، أنا أقدر أزعله برضه؟ كل الحكاية إن وفاء كلمتني وقالتلي إن أهل خديجة موافقين وهيحددوا مقابلة كمان ليك وليها سوا”
إتستعت إبتسامته ثم قال:
“بجد يعني هشوفها تاني؟ إمتى طيب”
ردت عليه والدته:
مش عارفة والله يا ياسين، أنا هكلمهم وأحدد معاد تاني بس المرة دي هتكون لوحدك، بعدها بقى نبقى كلنا علشان نتفق على تفاصيل الجواز”
أومأ لها ثم قبل رأسها، نظرت له بحب ثم قالت:
“أنا حاسة إن ربنا هيكرمك بيها”
رد عليها بهدوء:
“إن شاء الله يا ماما إدعي بس يطلع قلبي حس صح”.
دخل «ياسين» غُرفته، وجلس على طرف الفراش وهو يبتسم ولوهلة تذكر ملامحها وصوتها، على الرغم من الكلمات القليلة التي تفوهت بها إلا إنها كلمات أثلجت روحه، أرتمى على الفراش ثم تحدث قائلًا:
“خــديــجـة”
كان يذكر إسمها ببطء وهو يتلذذ بذِكر إسمها على لسانه، هو ناضج وهذا لم يكن حب من أول نظرة إنما راحة وُلدت بداخله، لا يعرف لماذا هي بالتحديد من شَعر بذلك الشعور نحوها، ولا يعرف من أين أتى ذلك الحماس لرؤيتها،
بدل ثيابه ثم خرج من غرفته وهو يقول لوالدته:
“ماما أنا هتغدى مع ميمي، لما بابا يجي إتغدي أنتِ وهو”
خرج من الشقة ثم توجه إلى منزل «ميمي» سيرًا على الأقدام، وصل بيتها دخل الشقة ثم إقترب من مجلسها في الشُرفة ومال عليها مُقبلًا قمة رأسها وهو يقول:
“نفسي مرة ألاقيكي قاعدة في الصالة ولا قدام التلفزيون حتى”
إبتسمت له ثم قالت:
“أعمل إيه يعني، مش بحس إني مرتاحة غير وأنا هنا وسط الزرع، بس قولي مالك جاي فرحان كدا ووشك زي البدر منور، عملت إيه مع عروسة إمبارح”
تنهد بإرتياح ثم قال:
” أنا روحت عادي زي كل مرة، بس رجعت مش عادي”
سألته مُستفسرة وهي تقول:
“يعني إيه روحت عادي ورجعت مش عادي هي فزورة يا ياسين”
إبتسم لها ثم قال:
“يعني روحت شوفتها، ومتكلمناش سوا كتير هي جملة واحدة اللي قالتها، بس حسيت إن قلبي مطمن وحسيت براحة غريبة أوي يا ميمي، حتى إنهاردة لما عرفت إنهم موافقين كان عندي حماس غريب أوي، خايف أكون مطمن على الفاضي يا ميمي”
إبتسمت له ثم قالت:
“أنتَ ليه مُصمم تتعب قلبك يا ياسين قلبك إطمن خلاص إمشي وراه، وبعدين الحماس اللي عندك وفرحتك إن هما موافقين دا يأكدلك إن قلبك صح، المهم أحكيلي عاملة إزاي شكلها إحكي يلا”
رُسمت بسمة على محياه وإنتقلت إلى عيناه ثم قال:
“هي شكلها يبان عادي يعني ملامحها هادية وكمان تحسي إنها بنت عادية زي غيرها كتير كدا، وكانت خارجة بطبيعتها من غير أي حاجة بس مش عارف حاسس إن شوفتها قبل كدا، ولما بصيتلي حسيت عينها كدا فيها حنية غريبة، بصراحة مش عارف في إيه بس أنا فرحان”
ضحكت «ميمي» على حديثه ثم قالت:
“إحنا نغير إسمك من ياسين الشيخ ونخليه ياسين الشاعر”
شاركها هو أيضًا الضحك، نظرت له بحنان ثم قالت:
“أول مرة تيجي يا ياسين فرحان من مقابلة كدا أتمنى ربنا يكتبلك السعادة ومتتحرمش منها”
آمن «ياسين» وراء دعائها ثم قال:
“يارب يا ميمي تطلع هي كمان موافقة وحست باللي حسيت بيه”
_________________________
كانت«وفاء» جالسة بشقتها وفجأة طُرق الباب، قامت بفتح الباب وجدت «مُشيرة» تبتسم لها وهي تقول:
“هو أنا يعني لو مطلعتش أشوفك متسأليش عليا أنتِ يا وفاء، ولا هما زينب ومروة مخلينك مش عاوزة تقعدي معايا”
إندهشت «وفاء» من حديثها وخصوصًا أن علاقتها بـمشيرة علاقة طبيعية، رحبت بها قائلةً:
“لا إزاي طبعًا متقوليش كدا يا ست مُشيرة،أتفضلي”
دخلت «مُشيرة» وهي تنظر حولها في جميع أنحاء الشقة، تحدثت «وفاء» قائلةً:
“نورتي يا ست مُشيرة، تشربي إيه؟”
ردت عليها «مُشيرة» قائلةً:
“لأ أنا مش غريبة ولا جاية اتضايف، أنا جاية أطمن عليكي”
حديثها أثار الشك لدى«وفاء» فقالت:
“طبعًا البيت بيتك، بس تطمني عليا ليه مش فاهمة”
توترت نبرة «مُشيرة» قليلًا فقالت كاذبة:
“أصل كان فيه ناس واقفة مع أستاذ سالم وطه أخويا إمبارح قولت لا يكون يعني تعبتي ولا حاجة”
حديثها أكد الشكوك لدى «وفاء» فقالت بثقة:
“لا أبدًا دي صاحبتي وابنها كانوا جايين زيارة ليا يعني”
ردت عليها «مُشيرة»:
“لأ أنا قولت يكون عريس لمنة ولا حاجة بس رجعت قولت إزاي دي منة برا مع هدير وعبلة”
ردت عليها «وفاء» بهدوء:
“لأ يا ست مُشيرة، منة لسه في الجامعة ولسه صغيرة على الجواز، على العموم كتر خيرك على السؤال تسلميلي”
شعرت «مُشيرة» بالإحراج فتحدثت قائلة:
“طيب يا حبيبتي بركة إنك بخير، ربنا يبعد عنك كل شر،أستأذنك أنا بقى وهبقى أجيلك تاني.”
قالت حديثها ثم وقفت لكي تغادر الشقة، أوصلتها «وفاء» وأغلقت الباب خلفها، ثم قالت:
“مش هتبطلي خُبث أبدًا يا مُشيرة، ربنا يهديكي ويصلح حالك”
نزلت«وفاء» إلى شقة «خديجة» جلست معهم ثم تحدثت قائلة:
“مُشيرة طلعتلي إنهاردة تستفسر يا زينب، بس أنا مريحتهاش وتوهتها لحد ما نشوف إيه الدنيا، وأنا كلمتهم وعرفتهم إنكم موافقين وكدا ياسين هيجي يوم تاني يقعد مع خديجة مرة تانية وبعدين نتفق على تفاصيل الموضوع”
نظرت إليها «خديجة» بتمعن ثم قالت:
“يعني إيه كلمتيهم يا طنط،و يعني هيجي تاني هو بالسرعة دي ؟”
“أيوا يا خديجة خير البر عاجله، هنتأخر ليه، المهم بس إنتِ حاسة بإيه مطمنة يعني”
أومأت لها«خديجة» ثم قالت:
“آه يا طنط، ربنا يسسر الأمور ويكتب اللي فيه الخير”
تركتهم ودخلت غرفتهم ، كانت كاذبة حينما أومأت برأسها بنعم هي الآن خائفة وكل مايدور بذهنها ماهي ردة فعله عندما يعلم بذلك الإضطراب الغبي الذي تُعاني منه، هي لم يكن بها شيء ولكنها تخشى الزحام والناس والخروج من البيت، لا تستطع التفاعل البشري، دائمًا تشعر أنها وسط غُرباء عنها، لكنها إتخذت قرارها أنها لن تُجازف وتدخل تلك العلاقة التي من وجهة نظرها غير مُتكافئة، فهي تُعاني من التقدير المُتدني للذات كما أنها تُعاني من قلة الثقة في شكلها وجسدها وملامحها، ظلت تُفكر حتى تتوصل لحلٍ لتلك المعضلة لكنها للآسف لم تجد سوى المواجهة”
_________________________
في شقة «مُشيرة» كانت جالسة برفقة «هدير » و «عبلة» تحدثت قائلة:
“برضه يا هُبل معرفتوش كان فيه إيه في البيت إمبارح؟يعني منة معرفتكمش حاجة؟”
هزت «هدير» كتفيها ثم قالت:
“معرفش والله يا عمتو، حتى هي كمان متعرفش وأمها قالتلها دي زيارة عادية”
تحدثت «مُشيرة» قائلة:
“يعني إيه زيارة عادية؟ دا نازل بورد وحلويات في إيده شكله كدا عريس”
ردت عليها«عبلة»:
“يعني إيه عريس يا عمتو،منة كانت معانا إمبارح هيكون جاي لمامتها يعني؟”
نظرت «مُشيرة» أمامها بشرود قائلة:
“لأ،العريس شكله جاي للست خديجة، بس لو دا حصل تبقى وقعت واقفة بنت زينب”
سألتها «هدير» مُستفسرةً:
“عريس لخديجة إزاي يعني؟”
ردت عليها «مُشيرة»:
“ماهو إيه اللي هيخلي طه ينزل يسلم عليهم بنفسه مع سالم، وبعدين كان فيه عشم كدا في السلام”
ردت عليها «عبلة»:
“طب وفيها إيه يا عمتو يعني؟ ما خديجة بنت زي باقي البنات من حقها إنها تتجوز وتعيش حياتها إيه المُشكلة؟”
وكزتها«هدير» في ذراعها ثم قالت:
“بس أنتِ يا عبلة مش فاهمة حاجة”
قالت جملتها ثم نظرت لعمتها بخبث، أومأت لها عمتها برأسها ، في تفهم بما يدور بخلدها.
__________________________
في منزل «ياسين» بعد عودته من العمل، كان جالسًا مع والديه يتناول الطعام معهما، صدح صوت هاتفه برقم «عامر» قام «ياسين» بفتح الخط، وجد «عامر» يُصيح قائلًا:
“عــريــسـنـا، عامل إيه يا ياسين”
أبعد «ياسين» الهاتف عن أذنه تحت ضحكات والديه ثم قال:
“هو أنتَ عليك ندر إنك تطرشني؟ خير عاوز إيه؟
تحدث «عامر» قائلًا:
“هكون عاوز إيه يعني؟ بطمن عليك”
رد «ياسين» بسخرية قائلًا:
“ودا من إيه إن شاء الله؟ ليه الحنية دي كُلها؟”
رد عليه «عامر» بطريقة طفولية قائلًا:
“أعمل إيه يا ياسين كلمت سارة لقيتها مش فاضية قاعدة مع بنات خالتها، كلمت ياسر قفل في وشي عشان يكلم مراته، كلمت خالد راجع من الشغل تعبان ومعرفش ينام كويس من عياط إبنه، أنا حاسس إني وحيد يا ياسين أنا عاوز صحابي يرجعولي تاني مليش فيه”
ضحك عليه «ياسين» ثم قال:
“وحــيـد؟ هي وصلت لكدا؟ لأ خلاص طالما وصلت للوحدة يبقى إسبقني عند ميمي نروح نقعد معاها شوية وأنا هتغدى وأجيلك”
فرح «عامر» فقال:
“أيوا بقى يا ياسين أنا قولت برضه مليش غيرك، بس قولي صحيح بتتغدى إيه؟”
رد عليه«ياسين» بهدوء قائلًا:
“يؤسفني يا عامر أقولك إني قفلت السِكة في وشك”
قال «ياسين» جملته ثم أغلق الهاتف فورًا ولم يترك فرصة لـ «عامر» حتى يتحدث، ضحك والديه فتحدث والده قائلًا:
“الواد عامر دا بحسه طفل والله، عمره ما هيكبر ولا يعقل أبدًا”
وافقه «ياسين» قائلًا:
“بصراحة أيوا، بس رغم كدا الواحد مهما كان مهموم مجرد بصة في وشه يضحكك، عايش كدا مش شايل هم حاجة ومهون علينا كلنا رغم كدا أكتر واحد فينا لما يزعل شوية ميبينش ويشيل جواه علشان ميزعلناش”
تحدثت والدته قائلة:
“بصراحة أنتم الأربعة أجدع من بعض، ربنا يخليكم لبعض يارب”
آمن وراء دعاء والدته ثم قال:
“أنا هنزل بقى علشان أروح أشوفه هو وميمي علشان أرجع بدري”
نزل «ياسين»وذهب إلى شقة«ميمي» جلس برفقة عامر وميمي فتحدث «عامر» قائلًا:
“إيه يا عم ياسين هتعمل إيه في موضوع العروسة ردوا عليكم ولا لسه؟”
تنهد «ياسين»ثم رد عليه قائلًا:
“وافقوا والمفروض هروح أشوفها مرة تانية”
تحدث «عامر» قائلًا:
“على البركة إن شاء الله، ربنا يفرح قلبك ويجبر بخاطرك ويفك عقدتك يا معقد”
نظر له «ياسين» بقوة ثم قال:
“نفسي مرة تكمل حاجة عِدلة للأخر”
ردت«ميمي» مُعقبةً:
“دا يتحسد كدا، لو كمل حاجة عِدل”
رد «عامر» ببعض الضيق قائلًا:
“سيبوني في حالي أنا مش فايقلكم أنتم الأتنين”
رد عليه «ياسين» بسخرية قائلًا:
“ودا من إيه إن شاء الله؟ من إمتى وعامر كان مخنوق؟”
رد عليه «عامر»:
“عيد ميلاد سارة قرب أوي مش عارف أعمل إيه يا ياسين؟ قولي أعمل إيه، أنا معرفش في الحاجات دي؟”
رد عليه «ياسين» بسخرية قائلًا:
“يازين ما أخترت يا عامر، يعني إنتَ سايب البلد كلها وجاي تسألني أنا؟”
رد «عامر»:
“طب أعمل إيه طيب الزمن هو اللي حوجني لأشكالك يا ياسين”
جحظت أعين «ياسين» خارجًا ثم نظر لـ«ميمي» التي تحدثت قائلة:
“هو أنتَ يا بني متعرفش حاجة إسمها ذوق أبدًا، طول السنين اللي قضيتهم معايا متعلمتش الأدب مني؟”
تحدث «عامر» قائلًا:
“معلش يا جماعة الكلمة طلعت مني بعفوية شوية”
زفر «ياسين» بقوة ثم قال:
“نهايته يا دبش، أنا معرفش في الحاجات دي إسأل خالد”
إبتسم «عامر» بسخرية قائلًا:
“خالد! أنتَ عاوزني أسأل خالد، أنتَ عارف سألته قالي إيه، قالي كرمش لها ٢٠٠ جنيه في إيدها”
رد عليه «ياسين» بتقزز قائلًا:
“كرمشلها ٢٠٠ جنيه؟ إيه يا بني الزفت دا، مفيش فايدة فيكم أنتم الأتنين أغبى من بعض”
أثناء حديثهم طُرق باب البيت تحدث ياسين قائلًا:
“يلّا يا عامر روح إفتح الباب”
رد عليه «عامر»:
“أنتَ فاكرني خدام هنا يا ياسين، روح أفتح أنتَ، أنا مخنوق دلوقتي”
هز «ياسين» رأسه بيأسٍ من عامر ثم هب وقام بفتح الباب وجد«ياسر» أمامه قائلًا:
“إيه جالكم طرش ساعة علشان حد فيكم يفتح؟”
دخل وجلس بجانب عامر، نظر إليه «ياسين» ثم قال:
“أنتَ عرفت إزاي إننا هنا يا ياسر”
رد عليه «ياسر» قائلًا:
“كلمت عامر قبل ما أنتَ تيجي وهو قالي إنك جايلهم، كنت هنام معرفتش قولت أتمشى لقيت رجلي جابتني على هنا”
رد عليه «ياسين» قائلًا:
“خير ما فعلت، شوف بقى الزفت دا عاوز إيه علشان أنا على أخري منه”
نظر «ياسر» إلى «عامر» ثم قال:
“خير عملكم إيه الأهطل دا”
رد عليه «عامر»:
“مش هرد على كلمة أهطل دي دلوقتي، بس هقولك إن عيد ميلاد سارة قرب ومش عارف أعمل إيه، وياسين زي ما أنتَ شايف كدا ملهوش في الحاجات دي”
رد عليه«ياسر»:
“طب ما تسأل خالد هو أكيد عنده خبرة يعني”
تدخل «ياسين» مُردفًا:
“بس بالله عليك يا ياسر دا طلع أغبى من عامر، دا بيقوله كرمشلها ٢٠٠ جنيه، دا لو قاصد يخرب عليه مش هيعمل كدا”
نظر لهم «ياسر» بإشمئزاز ثم قال:
“كرمشلها ٢٠٠ جنيه؟! نهايته بُص على العموم هي بتشتغل هاتلها حاجة تنفعها في شغلها وبالمرة تبقى فكراك علطول”
نظر له «عامر» مُستفسرًا ثم قال:
“حاجة في شغلها إزاي يعني، وبعدين دي بتشتغل في التفصيل والهدوم”
تدخل «ياسين» قائلًا:
“حلو بقى هاتلها حاجة ليها علاقة بالحاجات دي”
شرد «عامر» قليلًا ثم صرخ مُهللًا:
“بس لقيتها، لقيتها تسلم دماغك يا ياسر”
تحدثت «ميمي » قائلة:
“هي إيه دي اللي لقيتها يا عامر؟”
وقف «عامر» بشموخ قائلًا:
“أنا هروح دلوقتي أجهزها وهبقى أوريكوا الحاجة لما أجبها”
قال جملته ثم تركهم ورحل، نظر «ياسر» في أثره بإندهاش ثم قال:
“ربنا يهديك يا عامر يا رب”
رد عليه«ياسين» قائلًا:
“إحنا بقالنا ١٥ سنة بندعي بالهداية، دا لو هجام كان تاب والله”
ضحكوا على حديثه، أما هو أماء برأسه سلبًا.
___________________________
جلست «خديجة» مع «وليد» في شقته أخذت نفسًا عميقًا ثم قالت:
“علشان خاطري يا وليد إتصرف، أنا خايفة أوي، أرفض أنتَ الموضوع وهما هيسمعوا كلامك، أنا مش هقدر أجازف وادخل علاقة وأرتبط بحد”
ربت «وليد» على يدها لكي يطمئنها ثم قال:
“متخافيش يا خديجة أنا معاكي، وبعدين فعلًا شكله محترم يا خديجة، ليه تخافي وتفرضي الأسوء، مش يمكن يكون ربنا بيعوضك بيه؟”
تحدثت ببعض الضيق قائلة:
“يا وليد أفهمني، أنا بخاف أخرج وبخاف أعرف حد بخاف من الناس، بخاف أتكلم قصادهم، بخاف أتعاقب تاني، عاوز تقنعني إن واحد زي دا هيكمل معايا حياتي، واحد بشكله وتعليمه دا هيقدر يعيش معايا في الضلمة بتاعتي؟”
أومأ لها قائلًا:
“آه يا خديجة أقنعك، علشان أنتِ معندكيش حاجة وحشة ولا فيكي عيوب زي باقي الناس،أنتِ ربنا كرمك بقلب أبيض وشخص مسالم،حتى اللي أذوكي بترفضي تأذيهم ودا أنا شوفته بعيني كتير منك، ريحي قلبك يا خديجة وبطلي تجلدي نفسك، علشان دا حرام عليكي”
نظرت أمامها تُفكر في حديثه ثم أومأت له شادرة أمامها،
خرجت من شقة وليد صعدت شقتها وجدت السيدة«وفاء» جالسة مع والدتها ألقت عليها التحية ثم جلست بجوارها، تحدثت «وفاء» قائلة:
“كويس إنك جيتي يا خديجة، مامة ياسين إتصلت وبتسأل ينفع يجيلكم يوم الخميس”
نظرت إليها «خديجة» بإندهاش قائلةً:
“يجي ليه ياطنط؟”
ردت عليها والدتها:
“يجي علشان تتعرفوا على بعض أكتر يا خديجة”
أومأت لوالدتها، تحدثت وفاء قائلة:
“خلاص يبقى يوم الخميس الجاي أخليه يجي علشان تقعدوا سوا”
__________________
وصل«ياسين» منزله رحب به والده قائلًا:
“أهلًا يا ياسين تعالى في مفاجأة حلوة علشانك”
تعجب «ياسين» فرد قائلًا:
“مفاجأة إيه خير يا بابا؟”
أتت والدته من الداخل وهي تقول:
“مفاجأة يا سيدي إنك هتروح تشوف خديجة يوم الخميس الجاي”
إبتسم «ياسين» ثم قال:
“طب الحمد لله على البركة إن شاء الله”
نظرت والدته إلى والده بخبثٍ، فبادلها هو النظرات أيضًا، فتحدثت قائلة:
“شايفاك مبتسم يعني كدا ومُسالم، خير”
حمحم وهو يشعر بالإحراج ثم قال:
“لا عادي يعني الموضوع طبيعي”
نظرت إليه والدته وهي تقول بخبثٍ:
“آه مانا عارفة إن الموضوع عادي”
حمحم مرةً أُخرى ثم قال:
“طب عن إذنكم بقى أنا هدخل أنام علشان تعبان”
تركهم ثم ذهب لغرفته، نظرت والدته في أثره بخبثٍ قائلةً لأبيه:
“الموضوع عادي ها؟”
إبتسم زوجها ثم قال:
“دا إبني وأنا حافظه إنسي، طبعًا مش عادي”
______________________
أتى يوم الخميس كانت خديجة تُفكر كيف تستطع أن تفاتحه في ذلك الموضوع وأنها لن تستطيع المُجازفة وتدخل علاقة قد تستنزف منها مجهود أكبر من طاقتها لكي تستمر كانت تحاول أن تكتسب بعض الشجاعة ولكنها في النهاية لن تستطع فعل ذلك، شعرت ببعض الأعراض تُهاجمها، وسرعة ضربات قلبها كأنها تبذل جهودا كبيرة على الرغم من جلوسها دون حِراك، في نفس الوقت كان كلًا من «وليد» و «أحمد» يجلسا سويًا مع الطبيبة النفسية التي يتابعا معها حالة «خديجة»
تحدث «وليد» قائلًا:
“يا دكتورة شكلها كان صعب أوي يوم المُقابلة، كانت على وشك الدخول في نوبة هلع”
تحدثت الطبيبة برسمية قائلةً:
“دا طبيعي يا أساذ وليد، وتصرفك اليوم دا ممتاز بس مش هينفع كل مرة تاخد مهدئات لأن دا ليه آثار جانبية وسلبية كتير جدًا”
تدخل «أحمد» قائلًا:
“أيوا يا دكتورة بس هي متعرفش إنها عندها إضطراب ولا عارفة إن المُشكلة كبيرة للدرجة دي، هي فاكرة إنهم شوية توتر وقلق وخلاص”
تحدثت الطبيبة قائلةً:
“ودي مشكلتكم يا أستاذ أحمد، أنا قولتلكم من بدري تيجي تتابع معايا هنا علشان لازم تخضع لجلسات نفسية علشان تدرب على الإجتماعيات والحياة الخارجية “
تحدث «وليد» قائلًا:
“طب المهم دلوقتي يا دكتورة، اللي جاي هيبقى إزاي،يعني العريس اللي جه دا وتوترها”
أخذت نفسًا عميقًا ثم تحدثت قائلة:
“بُص يا أستاذ وليد علشان أكون صريحة معاك، الشخص اللي بيعاني من الرُهاب الإجتماعي أو من أي إضطراب نفسي صعب جدًا إنه يشارك حد في حياته، خصوصًا لو الشخص التاني ميعرفش بالإضطراب دا، أو مش متقبله”
نظر إليها مُستفسرًا ثم قال:
“يعني إيه يا دكتورة أنا مش فاهم؟”
ردت عليه قائلةً:
“يعني يا أستاذ وليد المريض النفسي بنعالجه مش بنجوزه، مينفعش أروح أصلح الغلط بغلط أكبر”.
نظر وليد وأحمد لبعضهما البعض وكل منهما يُفكر في طريقة لحل تلك المُشكلة.
يُتَبَع
#لفصل_الثامن
#روايةتَعَافَيْتُ_بِكَ